عين الصقر: في ذكرى الشيخ سعود آل ثاني

المعرض السابق

يهدي متحف الفن الإسلامي هذا المعرض كإشادة بإنجازات المغفور له سعادة الشيخ سعود بن محمد بن علي آل ثاني الذي كان له دور مؤثر في تأسيس مجموعات متاحف قطر خصوصاً ودولة قطر عموماً.

المشاركة مع صديق

يُعتبر الإرث الذي تركه الشيخ سعود في عالم الاقتناء على جانب كبير من الأهمية حيث اختار أجمل وأروع القطع الفنية التي شكَّلت حجر الأساس لمقتنيات متاحف قطر الرئيسية. هناك أجزاء من هذه المجموعة معروضة في متحف الفن الإسلامي، لكن البعض الآخر لا يزال محفوظاً في المخازن. يلقي هذا المعرض الضوء على التُحف التي لم يسبق عرضها في قطر من قبل.

كان لدى الشيخ سعود شغف بـ "حُجر العجائب" لاسيما المزج بين التاريخ الطبيعي والآثار. يحتفي المعرض برؤية الشيخ سعود في الاقتناء من خلال عرض انتقائي يشمل التاريخ الطبيعي والآثار والمجوهرات والتصوير الفوتوغرافي والأعمال الفنية الحديثة والمعاصرة التي تذكر الناظر بتقليد "حُجر العجائب".

ورغم أن منطقة الخليج لديها تاريخ حافل في مجال الاقتناء، إلا أنه يمكن اعتبار الشيخ سعود أحد آخر رجال العائلات الحاكمة الذين اقتنوا لصالح بلادهم آلاف التحف المتنوعة جداً بشغف حقيقي وعين خبيرة بالفنون والثقافة. إلى جانب مجموعة التحف الواسعة أنشأ مرفقاً للحفاظ على أنواع الحيوانات المهددة بالانقراض وتكثيرها في مزرعة الوبرة التي حصدت تقديراً عالمياً.

شغف بالطبيعة

زار الشيخ سعود متحف التاريخ الطبيعي في لندن مع والدته حين كان طفلاً، وفتنَه الهيكل العظمي الضخم للبرونتصور الموجود عند مدخل المتحف، فأخذ يمضي الساعات في قاعة الديناصورات. وفي بداية مرحلة الشباب أدرك أهمية إنشاء المكتبات العلمية لفهم تكوين كوكب الأرض والأنواع الحية التي تعيش عليه. تركت هذه التجارب أثرها في نفسه، فبدأ بعد سنوات بجمع الأحافير النادرة والمعادن والطبعات الأولى من كتب التاريخ الطبيعي المهمة. اهتم الشيخ سعود اهتماماً خاصاً بالحيوانات المنقرضة أو المهددة بالانقراض، وما إنشاء مزرعته في الوبرة، التي شملت مرافق شاملة للعناية بالحيوانات وتكثيرها، إلا انعكاس لرغبته الكبيرة في إنقاذ الأنواع النادرة، ومن بينها ببغاء ماكاو الأزرق، وهو طائر انقرض في الطبيعة منذ عام 2000.

حُجر العجائب

أُعجب الشيخ سعود بهواة جمع التحف النادرة العظماء، وجذَبَه مفهوم الاقتناء الذي ساد في القرن السادس عشر ضمن ما سُميَّ بـ "حُجر العجائب"، حيث كان لهذه الطرق في العرض دور أساسي في تطوير العلوم الحديثة وتصنيف عجائب الطبيعة والتاريخ والفنون. ألهمت "حُجر العجائب" الشيخ سعود، الذي امتلك شغفاً حقيقياً وعيناً ثاقبة تهوى الفنون على أشكالها، فأخذ يقتني ويطوِّر مجموعات لتشكيل المتاحف المستقبلية في قطر.

مزرعة الوبرة

سبَّب انقراض أنواعٍ كاملة من الكائنات على الأرض قلقاً كبيراً لدى الشيخ سعود، فقام بتربية وحماية العديد من الحيوانات المهدَّدة بالانقراض في مزرعة عائلته، التي أصبحت تُسمى محمية الوبرة للحياة البرية وتقع على بعد حوالي 30 كم من الدوحة. من بين هذه الأنواع الظباء النادرة، وطيور الجنة وببغاء ماكاو الأزرق الصغير النادر من البرازيل.

يحمل العام 2020 أهمية خاصة في رحلة حياة ببغاوات ماكاو الزرقاء. في شهر مارس من هذا العام تمت إعادة أكثر من 100 ببغاء رُبيت وتكاثرت في الأسر إلى البرازيل للتأقلم مع بيئتها الطبيعية قبل إطلاقها إلى البرية في وقت لاحق من العام. هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها إعادة نوع بعد إعلان انقراضه في الطبيعة، وهو تتويج لأحد مشاريع الشيخ سعود. لمزيد من المعلومات، يرجى الاطلاع على www.spixsmacaw.org.

المعادن

اهتم الشيخ سعود أثناء عملية بناء مجموعة التاريخ الطبيعي الشاملة، باقتناء المعادن والأحجار الكريمة. في الواقع كان هناك شغف لدى العديد من الشخصيات الملكية الأوروبية بجمع العينات المعدنية النادرة في "حُجر العجائب" في الماضي. تضم مجموعة المعادن التي اقتناها الشيخ، على صغرها، بعضاً من أندر المعادن الطبيعية وأكثرها جمالاً.

الأحافير

تأثر الشيخ سعود بالانقراض الجماعي الذي تعرَّضت له أنواع كاملة من الكائنات الحية – حدث هذا قبل خمسة وستين مليون عام - والذي ربما يكون سببه ارتطام أحد النيازك بكوكب الأرض. لذا قام بجمع أحافير وهياكل عظمية تقدِّم فكرة واضحة عن الحياة على الأرض منذ ملايين السنين. تحوي المجموعة عدداً من الديناصورات، لكن تعذَّر عرضها لضخامة أحجامها.

شغف بعلم المصريات

استكشف الشيخ سعود أسرار مصر القديمة أثناء دراسته القانون في القاهرة في أوائل التسعينيات، وقد فتح المتحف المصري والمواقع الأثرية في البلاد عينيه على هذه الحضارة الفريدة مما ألهمه اقتناء القطع الأثرية وشراءها من الأسواق الفنية ومن المجموعات الأوروبية الخاصة أيضاً. هذا وقد جمع أعمالاً فنية تعكس تطور علم المصريات كحقل علمي. أما اهتمامه الرئيسي فتركز على الفرعون أخناتون.

اكتشاف مصر

عندما نزل نابليون بجيوشه في مصر في 1 يوليو 1798، أحضر معه مجموعة مؤلفة من 150 عالماً ومهندساً وفناناً لتوثيق معلومات شاملة عن كامل أجزاء مصر. وبينما قام بعض الفنانين برسم الآثار، قام فريق آخر في البعثة بتسجيل الموارد الطبيعية بهدف إنشاء قناة تصل البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط. نُشرت نتائج هذه الحملة (1798-1801) على شكل أجزاء مطبوعة باسم (وصف مصر)، وكان لها الفضل في تطوير علم المصريات.

أخناتون وفترة العمارنة

أسَّس الملك أخناتون والملكة نفرتيتي (حكما في الفترة من 1353 إلى 1336ق.م/ الأسرة المصرية الثامنة عشرة)، عاصمة جديدة في مصر الوسطى تُعرف اليوم باسم تل العمارنة. وفي خرقٍ واضحٍ للتقاليد الفرعونية السائدة حينذاك، غيَّر أخناتون دين الدولة من عبادة آلهة متعددة إلى عبادة إله واحد هو قرص الشمس آتون. أُعجب الشيخ سعود إعجاباً كبيراً بفكرة التوحيد المبكرة التي التزم بها أخناتون وأسرته.

طقوس الموت والحياة الآخرة

كان للموت في مصر القديمة طقوس معقدة هدفها المحافظة على جسد المتوفى وتهيئته للخلود في حياته الآخرة. يضمُّ هذا القسم الجنائزي من المعرض معلومات حول بعض ممارسات الموت الفرعونية، مثل التحنيط، ووزن القلب، وإلقاء التعاويذ السحرية باستخدام كتاب الموتى والتمائم الواقية، بالإضافة إلى النذور والعطايا التي كانت تُقدَّم للآلهة في المعابد والمباني الجنائزية.

شغف بعوالم أثرية أخرى

رغم أن علم المصريات كان محور اهتمام الشيخ سعود إلا أنه كان معجباً جداً، وبنفس القدر، بالحضارات القديمة الأخرى. معظم الروائع الموجودة في هذا الجزء من المجموعة تعود إلى الفترتين اليونانية والرومانية، إضافةً إلى أعمال فنية من الشرق الأوسط القديم بما في ذلك إيران وجنوب الجزيرة العربية وحتى أميركا الجنوبية. الكثير من القطع الأثرية تمثل أشكالاً للظباء، التي كانت الحيوانات المفضلة لدى الشيخ سعود، مما يدل على أن اهتماماته الشخصية كانت حافزه إلى الاقتناء، وهي الرابط بين أجزاء المجموعة ككل.

شغف بالذهب والمجوهرات

اعتزَّ الشيخ سعود بعطايا الطبيعة التي يزخر بها كوكب الأرض، لذا اقتنى الأحجار الكريمة والذهب والمعادن الثمينة والماس، وتشكلت لديه مجموعة رائعة من المشغولات الذهبية، بما في ذلك قطع أثرية رائعة تعود إلى فترة ما قبل كولومبوس جُلبت من أميركا الجنوبية، التي تشتهر بكنوزها الذهبية. كان لديه اهتمام خاص بالمجوهرات الملكية الهندية، وقد اقتنى لمتحف الفن الإسلامي العديد من القطع المدهشة المرصَّعة بالزمرد والإسبنيل وغيرها من الأحجار الكريمة الأخرى.

على طاولة المقتني: روائع حديثة ومعاصرة

كانت القطع والمقتنيات الرائعة تتواجد دائماً على مكتب الشيخ سعود الضخم الكائن في مزرعته بالوبرة، سواء كان طبقاً من المانجو الطازج أم طرد اليوم. كانت الصناديق تُفرَّغ هنا، وغالباً ما كان الشيخ يدعو بعض الضيوف لحضور الاكتشاف المثير لعمليات الاقتناء الجديدة. كان مستودعه الكبير مكاناً مذهلاً يضم المكتبات، وروائع الفن الحديث والمعاصر، والسيارات، والدراجات، واللوحات، والأثاث، والقطع ذات الأصول المميزة. يتيح القسم الأخير من المعرض للزائر فرصة الاطلاع على مجموعات الشيخ سعود الغنية، ويعطي فكرة عن رؤيته الراقية في تشكيل متاحف قطر.

شغف بالفن الإسلامي

من أوائل المجموعات التي بدأ الشيخ سعود باقتنائها وتنسيقها، نزولاً عند طلب صاحب السمو أمير البلاد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني حينذاك، كانت مجموعة الفن الإسلامي. فقد عكف على جمع التحف مع فكرة إنشاء مجموعة من الروائع الفنية المتميّزة والفريدة، تعكس البراعة والاتقان وتكون لها قصة مميّزة. في هذا المبنى الجميل الذي صمّمه المهندس المعماري الشهير أي ام باي، يستكشف زوارنا روعة الحضارة الإسلامية من خلال أعمال فنية استثنائية نُفِّذت برعاية ملكية، إلى جانب قطع جميلة أخرى استُلهمت من العالم الإسلامي.

شغف بالتصوير الفوتوغرافي

شُغف الشيخ سعود بكل ما له علاقة بالتصوير الفوتوغرافي، ابتداءً من صور القرن التاسع عشر النادرة مروراً بالكاميرات الغريبة وصولاً إلى المشاريع الحديثة المنفَّذة بتكليفٍ خاص. تغطي مجموعته من الصور الفوتوغرافية كل الأنواع حيث يعود أقدمها إلى العام 1826، أي قبل عقد من انتشار التصوير الفوتوغرافي ومعرفة العالم به. اقتنى الشيخ قطعاً فردية مهمة من المزادات العامة ومجموعاتٍ ضخمة من بائعين أفراد. إحدى أهم صفقات الاقتناء التي قام بها لصالح متاحف قطر كانت اختيار 136 قطعة من روائع مجموعة بوكيلبرغ الشهيرة، التي تشاهدون الكثير منها في هذه القاعة، في حين أن الكثير من كاميرات المجموعة جاءت عن طريق المخترع ومقتني الصور الفوتوغرافية فريد سبيرا (1924 – 2007).

تشمل مقتنيات الشيخ سعود بعض المعدات والصور الفوتوغرافية الأشهر في القرن العشرين. من بين المعدات كاميرات «ناسا» وقطعاً خاصة من صانعيّ العدسات المشهورَين لايكا وزايس. تُعتبر قصص مغامرات الشيخ في عالم التصوير الفوتوغرافي أسطورية، فقد رعى الكثير من الأنشطة وهو باقٍ في الذاكرة على الدوام لتأسيسه جائزة آل ثاني (التي يحصل الفائز الأول فيها على نسخة خاصة من كاميرا لايكا M6).

يعرض المنشور المصاحب للمعرض، والمتوفر باللغتين الإنجليزية والعربية، 100 من أهم مقتنياته، بما في ذلك الطبعات الأولى لبعض المخطوطات الرائعة، والأحافير النادرة، والقطع الفنية الفرعونية، والمجوهرات النفيسة، والكاميرات القديمة.